النهارمقالات

بصراحة

"إضحك تربح، يا ليل يا عين، يا حلاوة، ليلتكو أنس، يا عمري، يا حبيبي، ميشو شو؟ ماشي، سلامتك، على أونا، على دوّي، مين بيزيد، يا قاتل يا مقتول، ودّع أهلك، بس مات الوطن، عشتوا إنتو وقبرتوه، أنصب فخاً تربح دولاراً، شو بدو يصير؟ أكثر من اللي صار ما بيصير، المليون ناطرك، لا تتأخّر، سيرة وانفتحت توت، مرتي وأنا، وإنتو والحلوين ورقصني يا جدع..". دوامة من الأصوات القبيحة والموضوعات السخيفة والموسيقى الرديئة تبتلع رأسي وتقرقش مشاكلي وهمومي وتذكّرني بلعبة اسمها: "أين الدخيل ولماذا؟"، فأقول في نفسي: أين الشباب، ولماذا؟

لم أجد تعريفاً واضحاً بمعنى الشباب، فهو تارة مرحلة عمرية تبدأ مع انتهاء سن المراهقة وبداية مرحلة الرجولة على مشارف الثلاثينات، وطوراً روح وفكر غير مرتبطين بعمر محدد، وقد لا نجدهما عند عشريني وقد نجدهما عند خمسيني أو حتى مئوي. حاولت ربط البرامج السابق ذكرها بالشباب، فلم أستطع، فتشت، ويا لهول ما وجدت في هذه البرامج: راقصون محترفون، يعلكون ويدخّنون ويسهرون. يلبسون أزياء لا كالأزياء، ويخلقون كلمات لا كالكلمات. يبحثون عن المال بأيّ وسيلة، وإن لم يكن المال فاللذة فقط. الماديات في اختصار، حتى لو اقتضى الأمر تبويس الأيادي والأرجل، واستعطاف المقدّم، واستعطاء المشاهدين، وطأطأة الرؤوس للمخرجين!
بصراحة، خفت كثيراً. أن يكون الشباب قد تبخروا، أو اقتطعوا مع الضريبة على القيمة المضافة.
قالوا لنا: "كلوا بصل وانسوا الي حصل"!
فأكلنا حتى شبعنا و"انفلقنا"، لكننا لم ننسَ.
هناك محاولة إذاً لتغييب الشباب وقولبتهم وزجهم في سجون "الهشك بشك" واتخامهم بوجبات الضحك السريع والربح، الذي هو بعد عمليات حسابية بسيطة، خسارة فادحة، وذلك لإراحة الشباب من "محنة" التفكير والاهتمام بقضاياهم، وتسليمهم إلى جنة الصوت والصورة القبيحين والاسترخاء والاستسلام للواقع ومن يدري؟ المخدرات ربما.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق