مختارمقالات

نذالة المدافعين عن سماحة

ليس هناك صفاقة ونذالة أكثر من التضامن مع ميشال سماحة هذه الأيّام. المتضامنون معه هم الذين يدعون إلى حرب أهلية وليس الذين أوقفوه. يتضامنون رغم اعترافاته، التي تنشرها وسائل إعلام 8 آذار قبل 14 آذار، وأوّلها جريدة "السفير".
كما لو أنّ المتضامنين معه يقولون: "من أراد قتلهم يستحقّون القتل". تماما كما دعا الشيخ أحمد الأسير إلى القتل في سوريا "لإراحة المؤمنين". وتماما كما كلّ طائفيّ أو عنصريّ في السياسة، إلى أي مذهب انتمى.
ثمة جنون قتل يستشري في لبنان وسوريا، والمنبع واحد هو غياب روح المواطنية وحلول روح أهل الكهف مكانها. روح القتل من أجل البقاء. والمتضامنون مع سماحة هم قتلة من حيث يدرون أو لا يدرون. هم قاتلون يريدون أن يخرج سماحة ليقتل من يكرهونهم أكثر منه.
سرت في اليومين الأخيرين "تعليمة" تعمّمت على الفايسبوك والتويتر مفادها أنّ "توقيف سماحة تمّ بناء على طلب من الرئيس سعد الحريري، بعد اجتماعه بأمير قطر قبل يومين، وذلك لمنع سماحة من إقامة مؤتمر صحافي يكشف بالأرقام والوثائق تورّط لبنانيين في الحرب على سوريا".
منطق كهذا يهين عقول داعمي المقاومة والممانعة قبل أن يهين المنطق نفسه. الإجابة بسيطة وتافهة: لماذا لا يمرّر السوريون الوثائق إلى حليف آخر؟ أو إلى وليد المعلّم، وزير خارجية نظام القتل؟ لماذا فقط سماحة؟
بالطبع ليس السؤال هو ذلك السخيف الذي يتناقله الممانعون هذه الأيام: "لماذا سماحة سخصيا يحتفظ بالمتفجّرات وليس مخبرا عاديا؟". التشكيك بما بات معروفا أنّه مصوّر بالفيديو ليس إلا ضربا من الحقارة المنطقية التي تريد تبرئة مجرم. تماما كما برّأ هؤلاء فايز كرم بطريقة أو بأخرى، وكما أرادوا تبرئة وسام علاء الدين. وتماما كما خرج شادي المولوي بطلا، وكما يتنقّل الأسير محرّضا على الفتنة ومستمتعا بصداقد وزراء ومسؤولين كبارا هذه الأيام. هو المنطق نفسه، منطق "كل من إيدو إلو" و"من بعد حماري ما ينبت حشيش".
حسنا فعل "حزب الله" حين تبرّأ من موقف رئيس كتلته النيابية محمد رعد، الذي قال "لن نسكت على ما جرى مع سماحة". تبرّؤ يبرز تفاوتا في وجهات النظر داخل الحزب بات مكشوفا، إن على الموقف من توقيف سماحة، أو على الموقف من الثورة السورية. والآتي من الأيام سيثبت أنّ قياديين كبارا في الحزب باتوا رافضين طريقة تعامل الحزب مع نصرة نظام الأسد وعداوة الثوّار السوريين.
كاتب هذه السطور كتب منتقدا "انحدار المقاومة إلى ممانعة" (المقاومة تتحوّل إلى ممانعة: رعد وقنديل في كادر واحد، وهنا رابط المقال:http://www.mo5tar.com/more/9683). تراجع "حزب الله" عن كلام رعد يشبه الإعتذار، وهو مقبول، لأنّ المقاومة لا يمكن أن تدافع عن قاتل. هذه مهنة بعض الوجوه الكالحة في لبنان وليست مهنة المقاومين.
المنطق الذي يستمرّ في الدّفاع عن سماحة هو منطق عنصريّ مرفوض. منطق "النوعية" مقلوبا. النوعية التي كان يتحدّث عنها بعض التافهين من مسيحيي 14 آذار، قاصدين أنّ كثرة أعداد المسلمين، أو الشيعة منهم تحديدا، لا تقلب الموازين لأنّ "نوعية" المتحدّث وأبناء مذهبه كفيلة باستعادة التوازن.
المدافعون عن سماحة يعتبرون أنّ "قتل" بعض المختلفين معهم في الرأي أمر عاديّ ومطلوب. لهذا وزّعت البقلاوة في بعض المناطق اللبنانية احتفالا بقتل جبران تويني. ولهذا يدافعون عن سماحة اليوم.
الدفاع عن سماحة يجب أن يعتبر جريمة ويجب أن يتحرّك القضاء اللبناني للتحقيق مع المدافعين عنه. الدفاع عن المجرم ليس وجهة نظر، بل هي جريمة.
تحويل الدفاع عن المجرمين إلى وجهة نظر، كما حصل في ملفّ العمالة مع إسرائيل، سيجعل الأمور أسوأ في كلّ مكان من لبنان، كما جعل العمالة تهمة عادية لا تخيف أحدا.
على القضاء اللبناني أن يحاسب نذالة التضامن مع سماحة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق