مختارمقالات

سمُّ الحزب: عسلُ الجمهور

إذا كانت خيانة زوجة تستاهل استقالة قائد عسكري في بلد "الشيطان الأكبر"، رغم أنّها خيانة شخصية، فكيف إذا كان شقيق النائب خان الوطن كلّه. هذه ليست قضية تزوير أدوية، بعد قضية الكبتاغون. هذه قضية أمن قومي. هذه قضية خيانة عظمى. العسكر يحاكمون أقسى من المدنيين لأنّهم مؤتمنون على الأمن. النواب وعائلاتتهم يجب أن يحاكموا كالعسكر، لأنّ الناس تضع فيهم ثقتها وتأتمنهم على وطن كلّه. وحده الوزير محمد جواد خليفة "قُبِعَ" من منصبه لأنّه قال كلاما غير لائق بحقّ السيد حسن نصر الله. يمكن الوزير أن يسمّم لبنان كلّه ويبقى في منصبه، لكن أن "يزعج" زعيما نافذا، فهذا ينفيه من الطبقة السياسية. الشعور القومي للزعيم أهمّ من صحّة 4 ملايين لبناني.

أعرف أنّ كلاما كهذا يشبه الأحلام الورديّة، لكنّ الحزب الذي نتحدّث عنه هو الحاكم اليوم. يمسك الحكومة ومجلس النواب والأجهزة الأمنية والمدنية، ويمسك لبنان كلّه تقريبا، مدنيا وعسكريا. ومن العار أن تصير المقاومة صنوَ الفساد، مرادفة للأدوية المسمّمة والحبوب المهلوسة والعمالة لإسرائيل، إلى جانب الإرتهان للخارج وإقصاء الشركاء الداخليين وتهميش الخصوم الداخليين في المناطق الصافية، كما وترهيب المعارضين وتهديدهم.

فلنصدّق أنّ رئيس الأركان الأميركي، دايفيد بترايوس، إستقال لأنّه خان زوجته. هذا رغم أنّ رئيسه السابق، بيل كلينتون، داعل كونيكا لوينسكي مرارا وتكرارا، في البيت الأبيض، أي القصر الرئاسي، أي مكان العمل، ولم يستقِل. لنصدّق. ثم لننظر إلى يومنا اللبناني هذا: نائب عن حزب حاكم في لبنان تبيّن أنّ شقيقه يصنّع حبوب الكبتاغون المسمّمة في أماكن العبادة، ويبيعها إلى اللبنانيين والعرب والأجانب. هرب المشتبه به واختبأ في بلد "شقيق" بتغطية حزبية. واليوم يُشتبَه في شقيق نائب آخر عن الحزب نفسه في أنّه يسمّم اللبنانيين بأدوية مزوّرة تنهش لحومهم المهترئة أصلا من كثرة النهش والسرقات. يرفع النائب يده، بنزاهة عالية كانت تنقص زميله الكبتاغوني. لكن رغم ذلك لم يقدّم هذا النائب ما يكفي.

إذا كانت خيانة زوجة تستاهل استقالة قائد عسكري، رغم أنّها خيانة شخصية، فكيف إذا كان شقيق النائب خان الوطن كلّه. هذه ليست قضية تزوير. هذه قضية أمن قومي. هذه قضية خيانة عظمى. العسكر يحاكمون أقسى من المدنيين لأنّهم مؤتمنون على الأمن. النواب وعائلاتتهم يجب أن يحاكموا كالعسكر، لأنّ الناس تضع فيهم ثقتها وتأتمنهم على وطن كلّه. ونعرف في لبنان أنّ النائب تكون عائلته ماكينته الإنتخابية، ويكون أبناء عمومته وأخواله، وأشقاؤه وأصدقاؤهم، هم الحلقة التي يعتمد عليها.

في الولايات المتحدة، خلال السباق الرئاسي، ينبش المتنافسون سير خصومهم العائلية والشخصية. يستعملون أيّ شائبة. فإذا كانت إبنة المرشّح إلى الرئاسة قادت سيارتها تحت تأثير الكحول يخسر والدها ألوف أو مئات آلاف الأصوات. فكيف نقارع الولايات المتحدة ونحاربها ونحن نحمي أشقّاءنا إذا سمّموا الشعب كلّه، أو نبقى في سدّة المسؤولية إذا تبيّن أنّ عائلاتنا تستعمل نفوذنا من اجل قتل الناس.

وحده وزير الصحة السابق محمد جواد خليفة "قُبِعَ" من منصبه لأنّه قال كلاما غير لائق بحقّ الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله. يمكن الوزير أن يسمّم لبنان كلّه ويبقى في منصبه، لكن أن "يزعج" زعيما نافذا، فهذا ينفيه من الطبقة السياسية. الشعور القومي للزعيم أهمّ من صحّة 4 ملايين لبناني.

أعرف أنّ كلاما كهذا يشبه الأحلام الورديّة، لكنّ الحزب الذي نتحدّث عنه هو الحاكم اليوم. يمسك الحكومة ومجلس النواب والأجهزة الأمنية والمدنية، ويمسك لبنان كلّه تقريبا، مدنيا وعسكريا. وكثرة الفساد في أجوائه تجعله يخسر رصيده الشعبي ويخسر ما تبقّى من ثقة لدى بعض خصومه.

من العار أن تصير المقاومة صنوَ الفساد، مرادفة للأدوية المسمّمة والحبوب المهلوسة والعمالة لإسرائيل، إلى جانب الإرتهان للخارج وإقصاء الشركاء الداخليين وتهميش الخصوم الداخليين في المناطق الصافية، كما وترهيب المعارضين وتهديدهم.

لكن في لبنان سمُّ الحزب دائما عسلٌ على قلب الجمهور. وعلى وزن "أقتلونا فإنّ شعبنا سيعي أكثر، نردّد: سمّمونا فإنّ شعبنا لن يعِ شيئا أبدا.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق