مختارمقالات

اللبنانيون، أشباه المواطنين ولا مواطنين غرقوا في عار الضحك

النكات. لا شيء غير النكات. بالضحك والإبتسامات السوداء قابل اللبنانيون نكبتهم. غرق لبنان في "شبر" عاصفة. يومان من الأمطار جعلت اللبنانيين شعبا يعيش تحت خطّ المياه. جعلت أراضي "منخفضة" مثل pays-bas. "واطية" بالعاميّة. كانوا يضحكون على الفايسبوك والتويتر. يموتون من الضحك، لا من الغرق. هم الغرقى من الموت، فما خوفهم من بلل العاصفة وعارها. هم الموتى من الفساد والإهمال فما همّهم من يومين أو ثلاثة تحت الموت الرسميّ. هم الذين يموتون من أسباب أكثر تفاهة: لأنّ أزعرا قرّر إشعال محور هنا أو هناك. لأنّ قاتلا قرّر الإنتقام من أبناء الحيّ الآخر، من المذهب المعادي. لأنّ زعيما غضب من زعيم آخر. أحيانا لأنّ رئيسا انتخب وبقي في منصبه، ويريد أن "يحطّ على عين" المذاهب الأخرى. أو لأنّ ابن وزير نجح في المدرسة أو ابن نائب تزوّج… الموت غرقا بأمر من الله يبدو أكثر حنّيّة.

النكات. لا شيء غير النكات. بالضحك والإبتسامات السوداء قابل اللبنانيون عارهم. غرق لبنان في "شبر" امتحان. يومان من الأمطار جعلت اللبنانيين شعبا يعيش، ليس تحت خطّ المياه أو الفقر، بل تحت خطّ الكرامة.

 

النكات. لا شيء غير النكات. بالضحك والإبتسامات السوداء قابل اللبنانيون نكبتهم. غرق لبنان في "شبر" عاصفة. يومان من الأمطار جعلت اللبنانيين شعبا يعيش تحت خطّ المياه. جعلت أراضي "منخفضة" مثل pays-bas. "واطية" بالعاميّة. في صيدا وصور والنبطية، في مرجعيون وطرابلس، في البقاع وبيروت، في الجبل. على مداخل العاصمة، وفي داخل بيروت. كلّنا غرقنا. كلّنا خفنا على سياراتنا.

حين سمعت خبرا عن أنّ السيول جرفت طفلا رضيعا عمره 6 أشهر تخيّلته يغرق. رضيع لم يستطع والده في جدرا – الشوف أن يحافظا عليه بين أيديهم. سحبته أمطار الشتاء. غرق يوسف تحت المطر. سيارات كثيرة تعطّلت بالبرك الظالمة. كثيرون تحطّمت ممتلكاتهم. في البقاع كسد الزرع. النهر دخل إلى البيوت: في البقاع والجنوب وحيّ السلّم.

لكنّ اللبنانيين كانوا يضحكون على الفايسبوك والتويتر. كانوا يموتون من الضحك، لا من الغرق. هم الغرقى من الموت، فما خوفهم من بلل العاصفة وعارها. هم الموتى من الفساد والإهمال فما همّهم من يومين أو ثلاثة تحت الموت الرسميّ.

اللبنانيون يموتون من أسباب أكثر تفاهة. يموت بعضهم لأنّ أزعرا قرّر إشعال محور هنا أو هناك، أو لأنّ قاتلا قرّر الإنتقام من أبناء الحيّ الآخر، من المذهب المعادي. يموتون لأنّ زعيما غضب من زعيم آخر. يموتون أحيانا لأنّ رئيسا انتخب وبقي في منصبه، ويريد أن "يحطّ على عين" المذاهب الأخرى. يموتون لأنّ ابن وزير نجح في المدرسة. يموتون لأنّ ابن نائب تزوّج. الموت غرقا بأمر من الله يبدو أكثر حنّيّة.

النكات. لا شيء غير النكات. ضحك اللبنانيون على أنفسهم ومن أنفسهم. سخروا من كلّ شيء. لم يستموا حكومة ولا مسوؤلا. أصلا باتوا يعرفون أنّ "كلهم حرامية". يعرفون أنّ الوزراء الحاليين لا يقلّون تفاهة وسرقة وإهمالا وفسادا عن السابقين، وأنّ اللاحقين لن يكونوا أفضل حالا. يعرفون أنّ الشكوى لغير الله مذلّة، وأن لا حياة لمن تنادي. وباتوا متأكدّين أنّ الضحك والتفكير في النكات أكثر فائدة. على الأقلّ سيضحكون وسيخفّفون من أمراضهم العصبية ومن أزماتهم اليومية، النفسية والمعنوية والمالية والطائفية…

النكات. لا شيء غير النكات. بالضحك والإبتسامات السوداء قابل اللبنانيون عارهم. هم أشباه المواطنين ولا مواطنين. هم المفيّسين (من فايسبوك) مثل فجل، والمتوترين (من تويتر) مثل مجانين، غرقوا في "شبر" امتحان.

يومان من الأمطار جعلت اللبنانيين شعبا يعيش، ليس تحت خطّ المياه أو الفقر، بل تحت خطّ الكرامة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق