البلد

آثار الجميزة الهلنستية في خطر

بين منطقتي الصيفي والجميزة، وقريبا من سينما أمبير قديما، يرقد سور المدينة الهلنستية التي بناها الإسكندر المقدوني في العام 333 قبل الميلاد قبل أن يحرقها الرومان في العام 65 قبل الميلاد ليفنيها عن بكرة أبيها الزلزال الذي ضرب الساحل اللبناني في القرن السادس بعد الميلاد، على ما يقول المسؤول المباشر عن الموقع الأثري جميل رحيّم.
إلى هنا تبدو القصة عادية، لنكمل. اليوم، سيزال هذا السور ليشاد مكانه بناء حديث يدرّ بعض الأرباح على المقاول والمهندس وغيرهما. وربما يفتتح في المبنى نفسه ملهى ليلي صغير، يرقص فيه شبان وشابات، لبنانيون وعرب، على أنقاض التاريخ الهلنستي، أو لنقل على أنقاض سور المدينة الهلنستية الذي يتعدى عمره ألفي سنة. لنسمّها رقصة الموت، موت الآثار وموت الإحساس بقيمة الأثر الذي يبقى لنا من الأولين الذين سكنوا هذه الأرض من قبلنا.
مصدر في مديرية الآثار اعتبر أنّ كل حالة تبحث على حدة، مؤكداً أنّه من المنطقي أن يكون مصير هذا الموقع مشابها لمصير الآثار المطمورة تحت المقهى والمطعم المجاورين. ورأى المصدر نفسه أنّه بناء على المعطيات التي ترسلها اللجنة المكلفة الإشراف على الموقع، يتحدد مصيره، فإما يطمر ويبقى على جزء رمزي منه وإما يبقى عليه ويمنع البناء فوقه.
الموقع يديره هانس كرافر، ويشرف عليه كل من جامعة أمستردام ومؤسسة سوليدير. لكن أسوة بالآثار التي وجدت تحت المقهى المجاور للموقع، ستوافق وزارة الآثار على إستكمال البناء، بعد أن يرفع عدد رمزي من الأحجار التي وجدت وتوضع في مكان رمزي أيضا. المطعم المجاور مثلا وضع بعض الأحجار في حديقة مقهاه الأرستقراطي، حيث علتها الأعشاب، وحيث لا يعرف أحد إن كانت جزءا من سور أثري أو أنّه استقدم من بورة مهجورة قريبة. والأحجار التي رفعها هذا المقهى هي امتداد لسور المدينة الهلنستية الذي يلتف حول مدينة تبرز أثارها في الموقع المذكور، لكنها معرضة، كما الموقع كله، للتشويه والطمر إلى الأبد.
اليوم، يستكمل الحفر في أماكن متفرقة من وسط بيروت، في الظل، حيث لا يحاسب أحد أحدا. والمجزرة نفسها تتكرر اليوم، تظهر آثار، تطمر، يبنى على أنقاضهما، ولا أحد يحاسب أحدا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق