مختارمقالات

عن الأرثوذكسي وشطف الدرج ونواب الدعسة

ميشال عون هو الرجل الذي يقف قرب الناطور ويعرف أنّه يريد أن يشطف الدرج، ويقول للمسيحيين: أنظروا، سيسرق الدعسة. وسمير جعجع (وأمين الجميّل استطرادا) هو الرجل الذي يقف قرب ميشال عون، ويريد أن يبيّض وجهه مع المسيحيّين ويعرف أنّ الناطور يريد أن يشطف، ويقول لهم: نعم رأيته يسرقها.

يريد عون وجعجع والجميّل، و"حزب الله" و"حركة أمل" وسليمان فرنجية من ورائهم، نواباً مثل الدعسات، يمسح الزعيم قدميه بهم ويدخل مجلس النواب.

أنا بطبعي سريع الغضب. مثلاً إذا رأيت ناطور البناية يحمل دعسة الباب، أظنّه سيسرقها وأصرخ في وجهه. أنتبه بعدها إلى أنّه يريد أن يشطف الدرج ويجنّب دعستي البلل والتعفّن. أنتبه بعد فوات الأوان. أكون قد صرخت في وجه الرجل الطيب، وأكون قد شعرت بالذنب لأن لا طريقة لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء، وأتذكّر أنّني عجول وسريع الغضب وهذا مرضٌ يخطر لي أحياناً أنّه لا شفاء منه.

ميشال عون هو الرجل الذي يقف قرب الناطور ويعرف أنّه يريد أن يشطف الدرج، ويقول للمسيحيين: أنظروا، سيسرق الدعسة. وسمير جعجع (وأمين الجميّل استطرادا) هو الرجل الذي يقف قرب ميشال عون، ويريد أن يبيّض وجهه مع المسيحيّين ويعرف أنّ الناطور يريد أن يشطف، ويقول لهم: نعم رأيته يسرقها.

النواب الذين يريد المسيحيّون انتخابهم بالقانون المذهبي، وبالإذن من الدعسات التي تجعل البيوت أكثر نظافة، هم الدعسة. الدعسة التي يريدها المسيحيون كي يظنّوا أنّ البيت صار لهم. والبيت ليس لهم. هناك حقيقة عددية لا لبس فيها: المسيحيون المقيمون في لبنان صاروا أقلّ من ثلث عدد السكان. وهذه لا تعوّض إلا بأن نتخلّص من عقدنا المذهبية ونصير مواطنين لا فضل لأحدنا على الآخر إلّا بالعمل من أجل البلد.

القوى التي ترفض القانون الأرثوذكسي تعرف أنّ خسارة بعض النواب، من خلال قانون وطني، تجعل اللبنانيّين أقرب إلى المواطنين. والمواطن، بعد سنوات قليلة، سيفضّل المرشّح الذي يمثّله على المرشّح الذي صلته به أنّه ولد مع هويّة مذهبية تشبه هويّته. وهذا ليس مستحيلا في لبنان. والدليل: قاسم هاشم في حاصبيا نائب سنّي عن كتلة الرئيس نبيه بري. عقاب صقر في زحلة نائب شيعي عن كتلة الرئيس سعد الحريري. عباس هاشم في جبيل نائب شيعي عن كتلة النائب ميشال عون. أنطوان سعد في الجبل نائب مسيحي عن كتلة النائب وليد جنبلاط. هؤلاء نواب، فكيف بالمواطنين؟

لكنّ عون ضحك على المسيحيين. أوهمهم أنّ إنقاص عدد النواب الذين تنتخبهم "صفوة مسيحيّة"، أي خالية من دسم الناخبين السنة أو الشيعة أو الدروز، هو سرقة لهؤلاء النواب.

لكن ألا يمثّل النائب هادي حبيش أهل عكار. هادي لا يمثّل سمير جعجع أو أمين الجميّل، وهذه مشكلة أمين الجميّل وسمير جعجع. هذه ليست مشكلة الكتائبيين أو القواتيين. لكنّ عون ضحك على جعجع والجميّل، وجعلهم يوهمون مناصريهم أنّ حبيش يعادل نائباً مسروقا. ويريد عون وجعجع والجميّل أن يستبدلوا حبيش بآخر قد لا يمثّل أهل عكار، ومسيحيّيها تحديداً، مثل حبيش، لكن يمثّل أحدهما، الجميّل وجعجع.

يريد عون وجعجع والجميّل، و"حزب الله" و"حركة أمل" وسليمان فرنجية من ورائهم، نواباً مثل الدعسات، يمسح الزعيم قدميه بهم ويدخل مجلس النواب. لا يريدون نواباً ينتخبهم مواطنون مختلطون، طائفيا ومذهبيا ومناطقيا. يريدون أن يكونوا سائقي بوسطات مذهبية بدلاً من تطعيم مجلس النواب بالنكهات اللبنانية كلّها، من قومية سورية وشيوعية ويسارية وإشتراكية وملحدة وشيعية وعروبية ودرزية وأرسلانية وجنبلاطية ووهابية (تختلف كلّ واحدة من الأربعة الأخيرة) وسنية وحريرية وميقاتية وصفدية وأسعدية ومذهبية ومستقلّة…

الدعسة هي النواب – الدعسات الذين سيصلون إلى مجلس النواب على أقدام الزعماء. عون يدّعي أنّ المسلمين سرقوا هؤلاء، ونحن نقول له إنّ كلّ نائب يمثّل هويّة مذهبية تافهة على إخراج قيد تافه هو تافه وأقلّ من دعسة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق