مختارمقالات

أخبار لم ننتبه إليها أمس

أمس توفي طفل على باب مستشفى في طرابلس. إختطف اليوم طفل من أمام منزله في الرملة البيضاء. الجيش السوري الحرّ هدد بقصف لبنان. دول الخليج هدّدت بوقف استقبال اللبنانيين. إنفجار قنبلة في مخيم عين الحلوة، وانفجار أخرى في طرابلس.

الأرثوذكسي بدأ يسير في عروقنا. قريبا لن ننتبه إلى شيء سوى إلى عراكاتنا فوق طاولة القمار المذهبية، إلى حقن المذهبية المخدّرة، إلى الأموال القليلة اللازمة لشراء الجرعة، في حين يموت أطفالنا على أبواب المستشفيات، وتختطف نساؤنا، ويعادينا العالم، ويقصفنا الأعداء، ويفجّرنا المجهولون.

وهذا ليس تهويلا.

 

أمس توفي طفل على باب مستشفى في طرابلس. مدينة فيها 5 وزراء وأكبر 3 مليارديريين في لبنان، وأسلحة بعشرات ملايين الدولارات، وسياسيين بعدد أيام عمر الطفل الذي توفي. لم تهتزّ المدينة. لم يشعر لبنان، ولم ينتبه أحد.

أمس أيضا اختطف طفل من أمام منزله في الرملة البيضاء. حفيد جميل السعيد، أشهر مموّلي حركة "أمل". خبر كهذا يمكن أن يوقف عدّاد الأيام في بلد آخر. لكن في "الإثنين الأرثوذكسي الأسود" لم ينتبه إليه أحد.

الجيش السوري الحرّ هدد بقصف لبنان ثم تراجع عن تهديده. جيش أجنبيّ، بغضّ النظر عن الموقف من الحرب في سوريا، هدّد بقصف لبنان. لم يتحرّك أحد. المذاهب كانت غارقة في التوطئة لحروبها الآتية، ولم ينتبه أحد.

دول الخليج هدّدت بوقف استقبال اللبنانيين، بسبب تصريحات النائب ميشال عون وبعض الصور المسيئة للملك عبد الله على طريق الشمال. خبر كهذا أيضا يمكن أن يهزّ لبنان. لكنّه في "الإثنين الأرثوذكسي الأسود" مرّ مرور الكرام، ولم ينتبه أحد.

إنفجار قنبلة في مخيم عين الحلوة، وانفجار قنبلة في طرابلس، أي في أكبر نقطتين ساخنتين في الشرق الأوسط، خارج سوريا. خبران كهذين كان يمكن أن يشعل أحدهما طرابلس، والآخر عين الحلوة بكلّ التعقيدات المحلية والإقليمية هنا وهناك. لكن لم بنتبه أحد.

كما لو أنّ أحدهم كان يقيس حجم تفاعلات الجسد اللبناني المريض مع لكمات سريعة أثناء تنعّمه بالمصل الأرثوذكسي المخدّر. المخدّر بوجهيه، وجه الإنتشاء مع البعض، ووجه الخدر والإنقطاع عن النفس وعن العالم من الجهة الأخرى.

الأرثوذكسي بدأ يسير في عروقنا. قريبا لن ننتبه إلى شيء سوى إلى عراكاتنا فوق طاولة القمار المذهبية، إلى حقن المذهبية المخدّرة، إلى الأموال القليلة اللازمة لشراء الجرعة، في حين يموت أطفالنا على أبواب المستشفيات، وتختطف نساؤنا، ويعادينا العالم، ويقصفنا الأعداء، ويفجّرنا المجهولون.

وهذا ليس تهويلا.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق