مختارمقالات

الحلم التركي إذ يصوّب اللحظة العربية

إشارة "سقوط" حكم العسكر في الشرق بدأت من تركيا مع أردوغان في 2003. إشارة سقوط "الإستبداد الديني" تلفح ربيع العرب من تركيا أيضا في 2013. هكذا يصوّب الأتراك ربيع العرب. وتركيا تقود حلم الشرق اليوم، ويجب أن نكون على قدر الحلم، لأنّه حلم واحد.

 

دائما "تنشّ" التجارب الكبيرة لدول رائدة على شعوب دول أخرى وأنظمتها. المثال الأبرز قد يكون الناصرية، التي طارت مثل غيمة من مصر إلى تونس والجزائر وليبيا وسوريا وفلسطين ولبنان. وفي السنوات الأخيرة كان "النموذج التركي" ملهم قيادات عربية وغربية لاستنساخه في "نهضة" تونس و"إخوان" مصر، لإيصال إسلام معتدل بعض الشيء إلى الحكم.

اليوم يبدو المشهد التركي "إرتدادا" أو "ردّة" عن التجربة الأردوغانية. كما لو أنّ الشعب قال "كفى أسلمة". خصوصا بعد مضايقات كثيرة تعرّض لها العلمانيون، بين منع بيع الكحول هنا وتسمية جسر باسم سلطان عثماني هناك وتحويل حديث عامة إلى "مركز تجاري أو مسجد، لا فرق"، بحسب "بيان حلم الثورة التركية الجديدة".

الجميل في المشهد التركي الجديد هو أنّه يعطي أملا للعلمانيين العرب بأنّ "الإسلام السياسي ليس قدَرًا". فهي الثورة الأولى في الشرق "ضدّ أسلمة الدولة". الثورة الأولى ضدّ "الإستبداد الديني". هذا الذي بدأ يثبّت أركان حكمه من مصر إلى تونس، ويبدو أنّ سوريا قد تكون ضحية جديدة له.

المفارقة أنّ "أسلمة الدولة" بدأ في إيران العام 1979، ووصل إلى "مزاج" الشعوب العربية في العام 2010، ويبدو أنّه بدأ بالإنحسار اليوم، في 2013، من تركيا. ودائما العرب يستنسخون التجارب "الناجحة" (باختلاف الرؤية، بين نجاح هنا يعتبر فشل هنالك).

والعلاقة مع تركيا قديمة "موضوعيا". إنهيار "حكم العسكر" في تركيا كان إشارة في المشرق إلى اقتراب نهاية دور العسكر في العالم العربي أيضا. في 2003 وصل رجب طيب أردوغان إلى الحكم متوّجا كباشا تاريخيا بين الإسلاميين والعسكر هناك. بعد سنتين، في 2005، ثار اللبنانيون ضدّ حكم العسكر السوري، وفي 2010 بدأ "الربيع العربي" ضدّ الإستبداد الأمني – العسكري.

اليوم أيضا تقود تركيا حلم الشرق في إعلانها بداية انحسار "أسلمة الدولة"، واقتراب نهاية "زمن الإستبداد الديني". زمن طال في إيران والسودان والسعودية، ولم يكن محظوظا في تونس ومصر، ويبدو أنّه لن يولد، حتّى، في سوريا. هذا رغم أنّ التجربة السودانية لها خصوصيتها، كذلك السعودية، التي لا ينطبق عليها التحقيب السابق ذكره هنا. رغم ذلك فإنّ "العاصفة العربية"، وليس "الربيع"، سيلفح الخليج والسودان إنطلاقا من "الموجة التركية" وليس من "البوعزيزية".

الطريف كان سخرية المسؤولين السوريين من المسؤولين الأتراك، وشماتتهم بأنّ "العاصفة وصلت إليكم مثلنا". وهي تنمّ عن فقر وضحالة في القدرة على استيعاب لحظة تاريخية جديدة تولد اليوم.

الثورة التركية هي استكمال للثورات التونسية والمصرية والسورية، بل وتصويب لها، على المستوى التاريخي. وتركيا تقود حلم الشرق اليوم، ويجب أن نكون على قدر الحلم، لأنّه حلم واحد.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق