مختارمقالات

أصابع إيهاب العزّي: صورتنا عن غدنا الآتي

حسنا، تبيّن أنّ إيهاب كاذب. تبيّن أنّ الكاتب تلقّى أوامر من جهة حزبية، وأنّ إدارة "النهار" صدّقت و"فقعت في الوخّ". تبيّن أنّ هناك من يريد قطع أصابع إيهاب في رؤوسنا. من يريدنا أن نصدّق ما جرى. المشكلة ليست هنا.
كلّ يوم يسقط إعلاميّ في فخّ إيهاب ما. كلّ يوم يأكل اللبنانيون من صحن الإعلام المسموم. الإعلام الذي بات مصابا بنقص المناعة المكتسبة. إعلام مكشوف أمام إيهاب، حتّى كاد يشعل حربا أهلية في البلد.
إيهاب، في الخضّة التي أحدثها فينا، قد يكون ملهما لكثيرين كي يقطعوا أصابع بعضهم البعض، وقد يكون ملهما لكثيرين أن يتوقفوا عن النباح وتجييش قطعانهم. إيهاب الأمس كان صورتنا عن القهر الذي ينتظرنا، واليوم هو أيضا صورتنا عن القهر الذي ننتظره.

حسنا، تبيّن أنّ إيهاب كاذب. تبيّن أنّ الكاتب تلقّى أوامر من جهة حزبية، وأنّ إدارة "النهار" صدّقت و"فقعت في الوخّ". تبيّن أنّ هناك من يريد قطع أصابع إيهاب في رؤوسنا. من يريدنا أن نصدّق ما جرى. المشكلة ليست هنا.
المشكلة هي أنّ لبنان بات أسير فكرة الحرب المذهبية، ونحن اللبنانون صرنا ميّالين إلى تصديق حادثة كهذه. هل تذكرون قصّة الحرب التي وقعت بسبب خلاف بين أطفال يلعبون "الكلّة"؟ إيهاب هو طفل وأصابعه، كما أصابع تلعب بالكلّة، لعبت بنا وبعقولنا وبعقول صحافيين كبار، يشرفون على الجريدة الأعرق في العالم العربي.
لعب بنا إيهاب. الأسف أنّنا وقعنا في الفخّ. الأسف الأكبر هي الظرزف المهيّأة لنقع في أفخاخ كهذه. قبل أيّام وقع مرسيل غانم، المحاور السياسي الأعرق في العالم العربي، في فخّ مجهول ادّعى أنّه ضرب على مدخل بيروت الجنوبي بسبب مذهبه.
قبلهما وقعت "الجديد" في فتنة الشيخ أحمد الأسير. وقبلهم وقع صحافيون كثر في فخّ التسابق نحو المختطفين اللبنانيين في سوريا. ويوم تفجير الأشرفية وقع الإعلام اللبناني في فخّ بثّ صور الأشلام مباشرة على الهواء، والتعدّي على خصوصيات الجرحى والقتلى.
كلّ يوم يسقط إعلاميّ في فخّ إيهاب ما. كلّ يوم يأكل اللبنانيون من صحن الإعلام المسموم. الإعلام الذي بات مصابا بنقص المناعة المكتسبة. إعلام مكشوف أمام إيهاب، حتّى كاد يشعل حربا أهلية في البلد.
المشكلة ليست في إيهاب بل في الإعلام ثانيا، وأولا بالطبع تكمن المشكلة في أنّنا بتنا في عصر القتل على الهويّة. كيف لا وجنى الطرابلسية قتلت لأنّها كانت في الجهة العلوية. وكلّ قتيل في حروب الشوارع قتل لأنّه من مذهب آخر، منذ العام 2005 إلى اليوم، بل منذ العام 1975، بل منذ 1958 وقبلها وقبلها في 1860…
ربما يجب أن نشكر إيهاب لأنّه دلّنا إلى مناطق الضعف المذهبية والإعلامية والمناطقية والخيالية في العقل اللبناني. عقل مفطور على تصديق الأسوأ، على التجييش من دون تأكّد، على ردود الفعل اللاعقلانية، على التماهي مع الضحايا حتّى التحوّل إلى جلّاد.
إيهاب، في الخضّة التي أحدثها فينا، قد يكون ملهما لكثيرين كي يقطعوا أصابع بعضهم البعض، وقد يكون ملهما لكثيرين أن يتوقفوا عن النباح وتجييش قطعانهم. إيهاب الأمس كان صورتنا عن القهر الذي ينتظرنا، واليوم هو أيضا صورتنا عن القهر الذي ننتظره.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق