أساس ميديامقالات

للجنة تحقيق دولية (1): 99.2% من حساباتنا أقلّ من مليون دولار

لأنّ اللبنانيين لا يثقون بالقضاء، ولأنّهم لا يثقون بالسياسيين والمجموعات الحاكمة، ولأنّهم لا يثقون بالحكومة، ولا يثقون بالمصارف وأصحابها و"طغمتها"، فلا بدّ من التوجّه إلى المطالبة بلجنة تحقيق دولية، يشرف عليها قضاة دوليون، بمساعدة نقيب المحامين ملحم خلف ومن يرتأيه من المحامين المشهود لهم بالكفاءة ونظافة الكفّ، لإجراء تحقيق دولي، شفّاف، يحسم بشكل نهائي ويحدّد المسؤوليات والمسؤولين عن تضييع عشرات مليارات الدولارات من جنى أعمار اللبنانيين، ومدّخراتهم، ويحاسب هؤلاء، ويحاول استعادة ما أمكن، أو ما تبقّى من أموال، تمهيداً لإعلان خطّة تستفيد من نتيجة هذه التحقيقات، ومحاكمة المخطئين والمتسبّبين.

من مهام هذه اللجنة التحقيق في كيفية جمع "ثروات" الذين عملوا في الشأن العام، من سياسيين ومتعهّدين ورجال أعمال، تعاطوا مع الإدارات العامة، أو كان لهم مناصب، هم ومن يدور في أفلاكهم مباشرةً، من أقارب جمعوا ثروات تتعلّق بـ"الشأن العام". وكذلك الذين حصلوا على فوائد ضخمة، في "هندسات مالية"، وما يمكن اعتباره "أموالاً سهلة" جمعوها من فوائد مرتفعة جدّاً ومضمونة، وسريعة.

في الآتي، أرقام رسمية حصل عليها "أساس" من مصادر موثوقة، تبيّن كيف أنّ 99.2 % من حسابات اللبنانيين تقلّ عن مليون دولار، بينها 61.8 % من الحسابات، فيها 0.5 % من الودائع، وهي التي تقرّر تحريرها.
ولدينا 37.4 % من الحسابات، فيها 53.7 % من حجم الودائع في مصارف لبنان، بين 3 آلاف دولار، وبين مليون دولار.

لن يكون سهلاً على أيّ حكومة أن تتخذ قرار استسهال مدّ اليد إلى مدّخراتهم، وسرقة جنى أعمارهم من أجل سداد ديون دولة أفلست بسبب سياسات متعاقبة منذ عشرات السنين، كان القائمون عليها يتنعّمون بالسلطة والمال، في حين كان 99.2 % من أصحاب الودائع في لبنان يعملون ليلاً ونهاراً من أجل ادّخار ما يقيهم العوَز والسؤال، ويخزّنون قروشهم البيضاء لأيامهم السوداء. وإذا بهذه الأيّام تضع اليد على مدّخراتهم نفسها.

سنعرض في الحلقة الأولى توزيع 54.2 % من الودائع على 99.2 % من الحسابات، وهؤلاء هم "صغار المودعين"، وليس من يملكون أقلّ من 3 آلاف دولار فقط.

هناك 1.715.283 حساباً تشكّل 61.8 % من الحسابات، فيها 0.5 % من الودائع، حجم كل حساب منها أقلّ من 3 آلاف دولار.

451.161 حساباً لبنانياً يشكلّون 16.3 % من مجمل الحسابات في لبنان، تتراوح حجم ودائع كلّ حساب منها بين 3 آلاف وبين 20 ألف دولار. وحجم الودائع هذه لا تزيد عن 2.8 % من مجمل الودائع. أي أنّ نصف مليون لبناني تقريباً لدى كلّ منهم بين 3 و20 ألف دولار.

هؤلاء قد يكونون موظفين عاديين، ادّخر بعضهم 10 أو 15 ألف دولار على مدى 10 أو 20 أو 30 عاماً. فهل هؤلاء من "كبار المودعين"؟ هل يشملهم الـ"هيركات"؟ هل يستحقّون أن تسرق المصارف أموالهم لمجرّد أنّهم قرّروا وضع أموالهم في مصرف وليس في خزنة منزلية؟

وهناك 219.278 حساب يشكّلون 7.9 % من مجمل الحسابات، وحجم ودائعهم 4.7 %. هؤلاء الـ219 ألف لبناني في حساب كلّ منهم بين 20 و50 ألف دولار. فهل هؤلاء من كبار المودعين أيضاً؟ هل يستحقّ من ادّخر 50 ألف دولار أن يُعامل كما لو أنّه سرق هذا المال وعليه أن يساهم في سداد ديون الدولة اللبنانية وفي تمويل المصارف المفلسة والدولة الناهبة والمنهوبة؟

ننتقل إلى الودائع بين 50 و100 ألف دولار وعددها 143.435، ونسبتها 5.2 % من الحسابات، وتضمّ 6.6 % من الودائع. هؤلاء قد يكونون من أصحاب المؤسسات الصغيرة، دكّان، أو محل لبيع الحلوى، أو فرن مناقيش، أو تعويض موظف صغير أنهى عامه الـ64 وتقاعد. فهل هذا عليه تقع مسؤولية سداد ما سرقته الحكومات المتعاقبة في مناقصات مشبوهة وما خسرته شركة الكهرباء من عشرات مليارات الدولارات؟

أما الذين يملكون بين 100 و200 ألف دولار فعددهم 111.176، ونسبتهم 4 % من عدد الحسابات، و10.1 % من مجموع الودائع. هؤلاء أيضاً قد يكونون متقاعدين أو أصحاب شركات متوسّطة، سوبرماركت، مطعم صغير، مقهى خارج بيروت، متعلّم يعمل في دولة خليجية أو أوروبية، ويبعث المال لوالدته أو والده. أمضى عقداً أو عقدين خارج لبنان، ويفكّر في العودة والاستقرار في لبنان لافتتاح مشروع صغير يقيه من برد الغربة.

وهناك 83.295 حساب نسبتها 3 % وتضمّ 16.7 % من حجم الودائع، لكلّ حساب بين 200 و500 ألف دولار. هؤلاء أيضاً من متوسّطي الطبقة المتوسّطة، ربما من مالكي المؤسسات المتوسّطة، شركة لتأجير السيارات مثلاً، أو شركة هندسية، أو محامٍ ناجح، أو طبيب ناجح، أو تاجر عقارات صغير، أو ما شابه. هؤلاء أمضوا سنوات وسنوات في العمل الشاقّ، فهل من واجبهم أن يسدّدوا خسائر ما ارتكبه المرتكبون؟ وهل يدفعون ضريبة نجاحهم وضريبة ثقتهم بالنظام المصرفي؟

ونصل إلى من يملكون بين 500 ألف ومليون دولار، وعددهم 28.794 حساب، نسبتهم 1 % من الحسابات، ويملكون 12.8 % من الودائع. هؤلاء أيضاً يمكن أن تنطبق عليهم صفة "جنى الأعمار". فليس مستحيلاً على المنتسبين إلى مهن حرّة أو أصحاب مؤسسات متوسّطة، مثل مطاعم ومقاهٍ وتجّار الجملة، والشركات الحديثة، في مجالات إلكترونية وما شابهها، ليس شديد الصعوبة أن تصل مدّخرات واحدهم إلى مليون دولار. والمليون اليوم قد لا يكفي لشراء منزل عاديّ في بيروت الإدارية. وهو لا يُعتبر "ثروة" بأيّ شكل من الأشكال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق