مختارمقالات

سوريا: سقوط المنطق وليس النظام والثورة تعاني "الهلكسة" باكرا

ما يسقط في سوريا اليوم ليس عائلة الأسد. بالطبع ليس نظاما كذلك. ولا أيضا ما يسقط في سوريا هو محور. "حزب الله" سيبقى موجودا، كذلك إيران. ما يسقط في سوريا اليوم هو مجموعة أفكار تعبّر عن منطق يهرهر.

يسقط في سوريا اليوم مفهوم "حماية الأقليّات"، و"حلف الأقليّات" استطرادا. تبيّن أنّ "حراميها" يريد أن يكون "حاميها". يسقط مفهوم "الممانعة". فإمّا أن يحارب جيشٌ ما أو لا يحارب. لا يوجد جيش يدعم أحزابا في دول أخرى ويخشى القتال. هذا المنطق سقط.

ما يسقط هو فكرة غريبة إسمها "عادِ إسرائيل وافعل ما شئت". يسقط أيضا "حكم العسكر". ما فعله الرئيس المصري محمد مرسي من "انقلاب دستوريّ" على عسكر مصر خطوة على طريق "شرق أوسط خالي من ديكتاتورية العسكر".

ما يسقط في سوريا هو "حكم الفرد". الأسد ليس عائلة ولا هو نظام، هو فرد إسمه حافظ الأسد يتناسل تارة باسلا وطورا بشّارا وحينا آصفا وأحيانا مملوكا، وثمة نسخ مشوّهة منه مثل ميشال سماحة وناصر قنديل ووئام وهّاب.

ما يسقط في سوريا ليس المقاومة، بل الأفكار المستنسخة عنها. قتال إسرائيل واجب قومي وعربي وإسلامي، وسيبقى. لكن لا يمكن بعد اليوم قهر الشعوب باسمها. لا يمكن قهر الشعوب باسم العداء لإسرائيل. لا يمكن قهرها باسم "المعركة المؤجّلة" و"حقّ الردّ". لا يمكن حصر الأموال والإقتصاد والحريّات في صندوق اسمه "نحن المحاربون وما أدراكم أنتم بالحكم".

الأفكار هي التي تقع في سوريا وليس الوحدات العسكرية. ما ينشقّ هو المنطق الصافي عن منطق مشوّه أُجبِرَ السوريون، واللبنانيون استطرادا، وربما العرب كلّهم، على بلعه، مُرٍّا، طوال خمسين عاما.

في المقابل ثمة البعض من القوى الثورية تستنسخ هذا المنطق. رمي جثث القتلى عن الأسطح والتنكيل بالأحياء والإعدامات هي من "عوارض الهولوكوست". أي أنّ المعذَّب دائما ما يميل إلى تعذيب ضحيته، حين يصير معذِّبا. عوارض يجب البدء في مواجهتها وكيّها قبل أن تستفحل نظاما يستنسخ قيم النظام القديم ومنطقا عنصريا بعوارض "الضحية حين تصير جلادا".

لا لـ"هلكست" الثورة السورية. كلّ ثائر يقلّد الذي ثار عليه مآله مزبلة التاريخ.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق