مختارمقالات

الواجب الجهادي بين سامي شهاب وعقاب صقر

قُتِلَ الشباب الطرابلسيون في "كمين تلّكلخ" وهم يقومون بـ"واجب جهادي"… بالطبع. ثمّة من فتح هذا الباب وعليه أن يحصد ما جناه على نفسه. النأي بالنفس، لسان حال الحكومة اللبنانية، لم يلتزم به أحد.
عقاب صقر أيضا يقوم بواجب جهادي في سوريا. تسليح المعارضة السورية واجب جهادي يشبه علاقة المسؤول في "حزب الله" بـ"الواجب الجهادي"، من سوريا إلى لبنان. عقاب صقر هو سامي شهاب آخر. هو نظير ضباط الإرتباط مع وسوريا الأسد غزّة وحركة "حماس" والبحرين…
عقاب صقر ليس الأوّل. والتسجيلات الصوتية لا تعني شيئا. ثمة تسجيلات بالصوت والصورة لزعماء وقياديين من محور 8 آذار يدعون إلى دعم الأسد. ثمة متورّطون في "الواجب الجهادي" علنا لا يسائلهم أحد.
الشبّان الطرابلسيون (لئلا نقول السنّة) الذين قتلوا في "كمين تلكلخ" لا يختلفون في شيء عن الشبّان الجنوبيين (لئلا نقول الشيعة) الذين قتلوا في "واجب جهادي" قبل أشهر. والتورّط في "المذهبية السورية" خطيئة دينية وقومية ووطنية عامة. علينا أن نفكّر في الخروج منها بدل التلهّي في تعيير بعضنا البعض بها.

قُتِلَ الشباب الطرابلسيون في "كمين تلّكلخ" وهم يقومون بـ"واجب جهادي"… بالطبع. ثمّة من فتح هذا الباب وعليه أن يحصد ما جناه على نفسه. النأي بالنفس، لسان حال الحكومة اللبنانية، لم يلتزم به أحد. حين صرّح مسؤول في "حزب الله" بأنّ شبّانا من حزبه قتلوا خلال تأدية "واجب جهادي" في سوريا، كان يجب على رئيس الحكومة أن يعترض. اليوم لا يستطيع الرئيس نجيب ميقاتي أن يعترض على قتل عدد من شبّان مدينته، طرابلس، في سوريا. هو "الواجب الجهادي" يتناسل ولن يوققف تناسله أحد.
عقاب صقر أيضا يقوم بواجب جهادي في سوريا. تسليح المعارضة السورية واجب جهادي يشبه علاقة المسؤول في "حزب الله" بـ"الواجب الجهادي"، من سوريا إلى لبنان. عقاب صقر هو سامي شهاب آخر. ضابط الإرتباط التابع لـ"حزب الله"، الذي طالب الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله، بعد اعتقاله، طالب "خيرة الضباط المصريين" بما يشبه الإنقلاب المسلّح على نظام الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك.
عقاب صقر هو نظير قادة حزبيين كبار قاتلوا إسرائيل وساهموا في هزيمتها بتموز 2006، لكنّهم كان يضطلعون بأدوار عسكرية خارج لبنان. والدليل أنّ بعضهم اغتيل في سوريا. وعقاب صقر نظير ضباط الإرتباط الحزب اللهيين مع غزّة وحركة "حماس". والأرجح، على ما نعرف ويعرف كثيرون، نظير كثيرين تابعين لـ"حزب الله" في البحرين أيضا، وفي بعض دول الخليج الأخرى.
والذين يعترضون على تشبيه سوريا بإسرائيل، من منظار لبنانيّ، نحيله إلى الشبكات العميلة لإسرائيل التي فكّكها الشهيد اللبناني وسام الحسن، واغتياله بعد تفكيكه شبكة ميشال سماحة الإرهابية التي اعترف بأنّها صناعة سورية. إسرائيل والنظام السوري، في أذيّة لبنان، تتوازنان هنا. فكيف إذا أضفنا جرائم اغتيال زعماء لبنانيين من المذاهب كلّها. من كمال جنبلاط إلى بشير الجميّل (بغضّ النظر عن الموقف منه ومن تاريخه) والمفتي حسن خالد والمشاركة، غير المعلنة حتى الآن، في إخفاء الإمام موسى الصدر وثكنة فتح الله ومجازر إقليم التفّاح والمجازر النفسية والمالية لرستم غزالة وحاشيته اللبنانية والسورية… إذا أضفنا كلّ ذلك فإنّ النظامين الأسدي والإسرائيلي شديدا التشابه في أذيّة لبنان. والمقاومة ضدّهما يمكن أن تصير، في منطق لبنان صرف، متوازنة. وانخراط النظام السوري في محور يقاتل إسرائيلَ أحدُ أطرافه، أي حزب الله، لا يسقط عنه صفة العداء للبنان.
لماذا يحقّ لـ"حزب الله" أن يعلن، في جريدة "الأخبار" اللبنانية قبل أيام، أنّه يساهم في تسليح المقاومة الفلسطينية بالصواريخ في غزّة؟ هل لأنّه يرى أنّ من "الواجب الجهادي" التدخل العسكري في فلسطين المحتلّة؟ ولماذا لا يحقّ لعقاب أن يلتزم بـ"واجب جهاديّ" في سوريا لتحرير "حلب المحتلّة" و"الشام المحتلّة" و"درعا المحتلّة" و"حماه المحتلّة" و"كفرنبل المحتلّة"…؟
على قاعدة "العين بالعين". نسأل هنا: أليست مزارع شبعا أولى بالواجب الجهادي على الشبّان الذي قتلوا في تلكلخ؟ فهي أراض "سنّية" في الميزان اللبناني التافه. وبالنسبة لقتلى "حزب الله" أيضا ألم يكن الأجدى أن يستشهدوا وهم يقاتلون من أجل تحرير مزارع شبعا؟ وهي جنوبية في الميزان الشيعيّ. بدلا من أن يستشهدوا في تلة "التلات تمانات" في الجبل، أو في محيط قصر قريطم في 7 أيّار، أو في الخندق الغميق، أو في الشام أو في درعا؟
ولسائل أن يسأل: عقاب صقر ألم يكن يجدر به تسليح المقاتلين (الشيعة مثله) من أجل الحرية في البحرين؟ ألا يوجد معارضة إعترف أنّها محقّة في حديثه الأخير من باريس مع الزميلة بولا يعقوبيان؟ ألم يكن يجدر به تسليح المقاومة الوطنية ضدّ العدوّ الإسرائيلي حين كان الجنوب محتلّا؟
أسئلة تافهة كهذه يسألها اللبنانيون طوال النهار لبعضهم البعض. لكنّ الحقيقة في عدم الإجابة على هذه الأسئلة. الحقيقة في أنّ طرح أسئلة كهذه يبطن طمس أسئلة أخرى. أسئلة مثل: هل يجب أن نفتح الحدود باتاه سوريا رسميا؟ ألا يجب أن يكشّر الجميع عن أنيابه ويقول بعضهم: نحن نقاتل في سوريا من أجل حريّة الشعب. ويقول آخرون: نحن نقاتل مع النظام الأسدي لحماية خطوط الإمداد الحزبية الخاصّة به.
عقاب صقر ليس الأوّل. والتسجيلات الصوتية لا تعني شيئا. ثمة تسجيلات بالصوت والصورة لزعماء وقياديين من محور 8 آذار يدعون إلى دعم الأسد. ثمة متورّطون في "الواجب الجهادي" علنا لا يسائلهم أحد.
الشبّان الطرابلسيون (لئلا نقول السنّة) الذين قتلوا في "كمين تلكلخ" لا يختلفون في شيء عن الشبّان الجنوبيين (لئلا نقول الشيعة) الذين قتلوا في "واجب جهادي" قبل أشهر. والتورّط في "المذهبية السورية" خطيئة دينية وقومية ووطنية عامة. علينا أن نفكّر في الخروج منها بدل التلهّي في تعيير بعضنا البعض بها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق